أخت أم الفضل لبابة؛ تقدم نسبها مع أختها في حرف اللام، وميمونة في أم المؤمنين كان اسمها برة، فسماها النبي - صلى الله عليه وآله وسلم- ميمونة.
وكانت قبل النبي - صلى الله عليه وآله وسلم- عند أبي رهم بن عبد العزى بن عبد ود بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي القرشي العامري، وقيل: عند سخبرة بن أبي رهم المذكور.
وقيل: عند حُويطب بن عبد العزى، وقيل: عند فروة أخيه.
وتزوجها رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم- في ذي القعدة، سنة سبع، لمّا اعتمر عمرة القضية، فيقال: أرسل جعفر بن أبي طالب يخطبها فأذنت للعباس فزوجها منه.
ويقال: إن العباس وصفها له، وقال: قد تأيمت من أبي رهم، فتزوجها.
وقال ابن إسحاق في رواية يونس بن بكير وغيره عنه: ثم تزوج بعد صفية ميمونة، وكانت عند أبي رهم.
قال يونس بن بكير: وحدثني جعفر بن برقان، عن ميمون بن مهران، عن يزيد بن الأصم، قال: تزوجها رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم- وهو حلال وبَنَي بها في قبة لها، وماتت بعد ذلك فيها. انتهى.
وهذا مرسل عن ميمونة بنت خالد بن يزيد بن الأصم، وقد خالفه ابن خالتها الأخرى عبد الله بن عباس فجزم بأنه تزوجها، وهو محرم، وهو في صحيح البخاري.
وقد انتشر الاختلاف في هذا الحكم بين الفقهاء، ومنهم من جمع بأنه عقد عليها، وهو مُحرِم، وبَنَي بها بعد أن أحل من عمرته بالتنعيم، وهو حلال في الحل، وذلك بيّنٌ من سياق القصة عند ابن إسحاق.
وقيل: عقد له عليها قبل أن يُحرم، وانتشر أمر تزويجها بعد أن أحرم فاشتبه الأمر.
وقد ذكر الزهري وقتادة: أنها التي وهبت نفسها للنبي - صلى الله عليه وآله وسلم- فنزلت فيها الآية، وقيل: الواهبة غيرها، وقيل: إنهن تعددن، وهو الأقرب.
قال ابن سعد: كانت آخر امرأة تزوجها، يعني ممن دخل بها. وذكر بسند له أنه تزوجها في شوال سنة سبع، فإن ثبت صح أنه تزوجها، وهو حلال؛ لأنه إنما أحرم في ذي القعدة منها.
وذكر بسند له فيه الواقدي إلى علي بن عبد الله بن عباس، قال: لما أراد رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم- الخروج إلى مكة للعُمرة بعث أوس بن خولي وأبا رافع إلى العباس ليزوجه ميمونة فأضلا بعيرهما، فأقاما أياما ببطن رابغ، إلى أن قدم رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم- فوجدا بعيريهما، فسارا معه حتى قدما مكة، فأرسل إلى العباس يذكر ذلك له، فجعلت أمرها إلى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم- فجاء إلى منزل العباس فخطبها إلى العباس فزوجها إياه.
ومن طريق سليمان بن يسار: أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم- بعث أبا رافع، وآخر يزوجانه ميمونة قبل أن يخرج من المدينة.
وأخرج ابن سعد أيضا من طريق عبد الكريم، عن ميمون بن مهران، قال: دخلت على صفية بنت شيبة وهي كبيرة، فسألتها: أتزوج رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم- ميمونة وهو مُحرِم، فقالت: لا والله، لقد تزوجها، وإنهما لحلالان.
وقال ابن سعد: حدثنا أبو نعيم، حدثنا هشام بن سعد، عن عطاء الخراساني: قلت لابن المسيب: إن عكرمة يزعم أن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم- تزوج ميمونة وهو محرم، فقال: سأحدثك: قدم رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم- وهو مُحرِم، فلما حل تزوجها.
وقال ابن سعد، حدثنا محمد بن عمر، وأنبأنا ابن جريج، عن أبي الزبير، عن عكرمة: أن ميمونة بنت الحارث وهبت نفسها لرسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم-.
وعن محمد بن عمر، عن موسى بن محمد بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن عمرة، قال: قيل لها: إن ميمونة وهبت نفسها، فقالت: تزوجها رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم- على مهر خمسمائة درهم، وولي نكاحه إياها العباس.
وأخرج ابن سعد بسند صحيح، إلى ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم-: الأخوات مؤمنات؛ ميمونة، وأم الفضل، وأسماء.
وقال ابن سعد: أخبرنا كثير بن هشام، حدثنا جعفر بن برقان، حدثنا يزيد بن الأصم، قال: تلقيت عائشة من مكة أنا، وابن طلحة من أختها، وقد كنا وقعنا على حائظ من حيطان المدينة فأصبنا منه، فبلغها ذلك، فأقبلت على ابن أختها تلومه، ثم أقبلت علي فوعظتني موعظة بليغة، ثم قالت: أما علمت أن الله ساقك حتى جعلك في بيت من بيوت نبيه، ذهبت والله ميمونة، ورمى بحبلك على غاربك؛ أما أنها كانت من أتقانا لله، وأوصلنا للرحم، وهذا سند صحيح.
وقال أيضا: حدثنا أبو نعيم، حدثنا جعفر بن برقان، أخبرني ميمون بن مهران: سألت صفية بنت شيبة فقالت: تزوج رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم- ميمونة بسَرَف، وبنى بها في قبة لها، وماتت بسرف، ودفنت في موضع قُبَّتِنا، وكانت وفاة ميمونة سنة إحدى وخمسين.
ونقل ابن سعد، عن الواقدي: أنها ماتت سنة إحدى وستين، قال: وهي آخر من مات من أزواج النبي - صلى الله عليه وآله وسلم- انتهى.
ولولا هذا الكلام الأخير لاحتمل أن يكون قوله: وستين وهما من بعض الرواة، ولكن دل أثر عائشة الذي حكاه عنها يزيد بن الأصم: أن عائشة ماتت قبل الستين بلا خلاف، والأثر المذكور صحيح؛ فهو أولى من قول الواقدي.
وقد جزم يعقوب بن سفيان بأنها ماتت سنة تسع وأربعين. وقال غيره: ماتت سنة ثلاث وستين. وقيل: سنة ست وستين، وكلاهما غير ثابت، والأول أثبت.
المصدر: موقع إسلاميات